ان بعض العامة يعتقد ان الامام الحجة عليه السلام غاب في السرداب!

فهل هذا صحيح، وما هو جوابكم اذا لم يكن كذلك؟
الجواب
ان قضية غيبة الامام في السرداب، هو افتراء على الشيعة، وليس عندنا ذكر للسرداب سوى قضية المعتضد التي اذكرها لك:
كتاب الغيبة [۱]: وحدث عن رشيق صاحب المادراي، قال: بعث الينا المعتضد ونحن ثلاثة نفر، فأمرنا؛ ان يركب كلّ واحد منا فرسا ونجنب آخر ونخرج مُخفين لا يكون معنا قليل ولا كثير الا على السرج مصلّى، وقال [لنا]: الحقوا بسامرة، ووصف لنا محلّة ودارا وقال: اذا اتيتموها تجدون على الباب خادما اسود، فاكبسوا الدار ومن رايتم فيها فاتوني براسه؟ فوافينا سامرة فوجدنا الامر كما وصفه وفي الدهليز خادم اسود وفي يده تكة ينسجها فسالناه عن الدارومن فيها؟ فقال: صاحبها، فوالله ما التفت الينا وقل اكتراثه بنا! فكبسنا الدار كما امرنا، فوجدنا دارا سرية ومقابل الدار ستر ما نظرت قط الى انبل منه كان الايدي رفعت عنه في ذلك الوقت، ولم يكن في الدار احد فرفعنا الستر، فاذا بيت كبير كأنّ بحرا فيه ماء، وفي اقصى البيت حصير قد علمنا انه على الماء، وفوقه رجل
من احسن الناس هيئة قائم يصلي فلم يلتفت الينا ولا الى شى ء من اسبابنا، فسبق احمد بن عبدالله ليتخطى البيت فغرق في الماء ومازال يضطرب حتى مددت يدي اليه فخلصته واخرجته وغشي عليه وبقي ساعة، وعاد صاحبي الثاني الى فعل ذلك الفعل فناله مثل ذلك! وبقيت مبهوتا، فقلت لصاحب البيت: المعذرة الى الله واليك، فوالله ما علمت كيف الخبر ولا الى من اجى ء، وانا تائب الى الله، فما التفت الى شى ء مما قلنا وما انفتل عما كان فيه، فهالنا ذلك وانصرفنا عنه، وقد كان المعتضد ينتظرنا وقد تقدّم الى الحجّاب؛ اذا وافيناه ان ندخل عليه في اي وقت كان؟ فوافيناه في بعض الليل، فادخلنا عليه فسالنا عن الخبر؟ فحكينا له ما راينا، فقال: ويحكم لقيكم احد قبلي وجرى منكم الى احد سبب اوقول؟ قلنا: لا، فقال: انا نفي من جدّي، وحلف باشد ايمان له؛ انّه رجل ان بلغه هذا الخبر ليضربنّ اعناقنا، فما جسرنا ان نحدّث به الا بعد موته.
ثم قال استاذنا المفدى؛ الشيخ صافي الگلپايگاني دام ظله معلقا على هذه الرواية:
ثم اعلم؛ ان من مخاريق بعض العامة وافتراءاتهم نسبتهم الى الشيعة اعتقاد؛ ان القائم عليه السلام غاب في السرداب وانه بعد غيبته باق فيه ولم يخرج منه الى الآن، ولم يره احد وانه يخرج منه، والشيعة ينتظرون خروجه منه، حتى قال ابن حجر في (الصواعق): ولقد احسن القائل؛ ما آن للسرداب ان يلد الذي… الخ)!.
اقول: قال الله تعالى؛ انما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله واولئك هم الكاذبون ايها العلماء ايها القرّاء يااهل الانصاف، هذه كتب علماء الامامية من عصر الغيبة بل قبلها الى زماننا، بين اظهركم وايديكم فانظروا فيها حتى تقفوا
على شدة التعصب والعناد وانظروا فيها حتى تعرفوا قيمة هذه الافتراءات وانظروا فيها حتى تعلموا انه ليس لهذا البهتان اثر في كتاب واحد من اصاغر علماء الشيعة فضلا عن اكابرهم واعيانهم! كالكليني، والصدوق، والنعماني، والمفيد، والشيخ، والسيدين؛ المرتضى والرضي، والعلامة، وغيرهم، انظروا فيها حتى تقفوا على الاسباب التي توجب افتراق كلمة هذه الامة والمانع الفذ من تقريبهم وتوحيد كلمتهم، ولعمر الحق ان لمثل هذا البهتان- الذي تقشعر الجلود وتندهش العقول منه- رجال يعدون انفسهم من العلماء ومن اهل التثبت والتحقيق ومن المسلمين ثم يأتون باكذوبة وبهتان على طائفة عظيمة من المسلمين، فيهم في كل عصر وجيل؛ الوف من العلماء والحكماء والادباء والشعراء والمتكلمين واهل التصنيف والتأليف واكابر كل فن من فنون العلم، ويكتبون في كتبهم التي يقرأها المسلمون واهل العلم والاطلاع، جيلا بعد جيل فيعرفون منها ميزان علمهم ومبلغ هممهم، نعوذ بالله مما تزل به الاقلام والالباب.
نعم؛ لو جعلنا كتب الامامية- قديما و حديثا- نصب اعيننا؛ لوجدناها مشحونة بروايات واحاديث وحكايات، كلها يكذب هذه المخاريق والمجعولات، وقد ذكرنا طائفة كثيرة من هذه الروايات في هذا الكتاب، قال المحدث النوري- رحمه الله- في طي كلماته في (كشف الاستار): نحن كلما راجعنا وتفحصنا لم نجد لما ذكروه اثرا بل ليس فيها ذكر للسرداب اصلا، سوى قضية المعتضد التي نقلها نور الدين عبدالرحمان الجامي، في (شواهد النبوة)، وهي موجودة في كتبهم باسانيدهم ولكنهم ساقوا المتن هكذا: عن رشيق صاحب المادراي (ثم ذكر ما نقلناه في المتن عن غيبة الشيخ عن رشيق وقال.. ) وليس فيه ذكر للسرداب
اصلا، الا ان القطب الراوندي ذكر في (الخرائج) هذا الخبر، ثم قال في موضع آخر على ما نقله عنه بعض اصحابنا (وان لم نجده ايضا فيما عندي من نسخه): (ثم بعثوا عسكرا اكثر فلما دخلوا الدار سمعوا من السرداب قراءة القران فاجتمعوا على بابه وحفظوه حتى لا يصعد ولا يخرج، واميرهم قائم حتى يصل العسكر كلهم فخرج من السكة التي على باب السرداب ومرّ عليهم، فلما غاب، قال الامير: انزلوا عليه؟ فقالوا: أليس هو قد مر عليك؟ فقال: ما رأيت! قال: ولم تركتموه؟ قالوا: انا حسبنا انك تراه)، والظاهر ان هذا الخبر؛ هو الوجه في تسمية السرداب؛ بسرداب الغيبة في لسان بعض العلماء في خصوص كتب المزار انتهى ما في (كشف الاستار)، وليس فيما نقل عن الخرائج (وان لم اجده ايضا في النسخة الموجودة منه عندي) ؛ دلالة او اشارة الى ما نسب الى الشيعة، بل دليل على فساد هذه النسبة لتضمنه خروجه من السرداب.
هذا مع؛ ان هذه القصة انما وقعت بعد وقوع الغيبة بسنوات، فان غيبته عليه السلام وقعت في سنة (۲۶۰ ه-)، والمعتضد ملك الخلافة في رجب سنة (۲۷۹ ه-)، وان شئت مزيد توضيح لذلك؛ فعليك بكتاب (كشف الاستار) فانه قد ادّى حق المقام.
واما مايشاهد من السنّة الجارية بين الشيعة؛ وهي زيارة مولانا المهدي عليه السلام في هذا الموضع الشريف، فليس لاعتقاد انه غاب في السرداب ويجب ان ينتظر خروجه منه، بل لان الموضع المعروف بالسرداب وحرم العسكريين عليهما السلام محل دورهم وبيوتهم الشريفة التي اذن الله ان ترفع و يذكر فيها اسمه ومحل ولادة القائم عليه السلام ومحل بروز بعض معجزاته وخوارق عاداته وليس
لها خصوصية الا ما ذكر، ولكن هذه الخصوصية تدعو شيعته ومحبيه الى زيارته فيها والاشتغال فيها بتلاوة القران والدعاء لفرجه وتعجيل ظهوره والصلوات عليه وعلى ابيه وجده وامه عليهم السلام، وللشيعة في غير هذا الموضع مقامات اخرى يزورونه عليه السلام فيها، لما ثبت عندهم من مقامه عليه السلام فيها في وقت من الاوقات. [۱]
———-
[۱]: للشيخ الطوسي، ص ۲۴۸، ح ۲۱۸ فصل ولادة صاحب الزمان عليه السلام.

[۱]: منتخب الاثر، ج ۲، ص ۴۵۵- ۴۵۸.
[غیبه المنتظر من منتخب الاثر – صفحه۱۷۶]

Share your thoughts