ما هي الفوائد المترتبة على غيبته عليه السلام؛ هل توجد فوائد‌ام لا؟

الجواب
تجده في الروايات الواردة، وبما ان هذا الكتاب مقتبس من الأثر النبوي الشريف فاننا لا نعدوه واليك الروايات التي اشارت الى بعض موارد الانتفاع به وتصرفه في الامور عليه السلام في غيبته:
۱. نهج البلاغة [۱]: عن اميرالمؤمنين عليه السلام انه قال: اللهمّ بلى، لاتخلو الارض من قائم لله بحجة اما ظاهرا مشهورا او خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته وكم ذا واين؟ اولئك والله الاقلون عددا والاعظمون عندالله قدرا يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب اشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة وباشروا روح اليقين واستلانوا ما استوعره المترفون وانسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بابدان ارواحها معلقة بالمحل الاعلى، اولئك خلفاء الله في ارضه والدعاة الى دينه آه آه شوقا الى رؤيتهم.
۲. ينابيع المودة [۲]: منا المهدي يسري في الدنيا بسراج منير ويحذو فيها على مثال الصالحين، ليحل ربقا، ويعتق رقا، ويصدع شعبا، ويشعب صدعا، في سترة
عن الناس، لا يبصر القائف اثره ولو تابع نظره.
۳. فرائد السمطين [۱]: عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: نحن أئمة المسلمين وحجج الله على العالمين وسادة المؤمنين وقادة الغر المحجلين وموالي المؤمنين، ونحن امان اهل الارض كما ان النجوم امان لاهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك السماء ان تقع على الارض الا باذنه، وبنا يمسك الارض ان تميد باهلها، وبنا ينزل الغيث وتنشر الرحمة وتخرج بركات الارض، ولولا مافي الارض منا لساخت باهلها، ثم قال؛ ولم تخل الارض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها ظاهر مشهور او غائب مستور ولا تخلو الى ان تقوم الساعة من حجة لله فيها ولولا ذلك لم يعبدالله. قال سليمان: فقلت للصادق عليه السلام: فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس اذا سترها السحاب.
فائدة: ذكر العلامة المجلسي- رحمه الله- في وجه تشبيهه بالشمس اذا سترها سحاب، وجوها:
الاول: ان نور الوجود والعلم والهداية يصل الى الخلق بتوسطه عليه السلام اذ ثبت بالاخبار المستفيضة؛ انهم العلل الغائية لايجاد الخلق فلولاهم لم يصل نور الوجود الى غيرهم، وببركتهم والاستشفاع بهم والتوسل اليهم؛ تظهر العلوم والمعارف على الخلق، ويكشف البلايا عنهم فلولاهم لاستحق الخلق بقبائح اعمالهم انواع العذاب، كما قال تعالى: (ما كان الله ليعذبهم وانت فيهم)، ولقد جربنا مرارا لانحصيها؛ ان عند انغلاق الامور واعضال المسائل والبعد عن جناب
الحق تعالى وانسداد ابواب الفيض، لما استشفعنا بهم وتوسلنا بانوارهم فبقدر ما يحصل الارتباط المعنويّ بهم في ذلك الوقت تنكشف تلك الامور الصعبة وهذا معاين لمن اكحل الله عين قلبه بنور الايمان، وقد مضى توضيح ذلك في كتاب الامامة.
الثاني: كما ان الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ينتظرون في كل آن انكشاف السحاب عنها وظهورها ليكون انتفاعهم بها اكثر، فكذلك في ايام غيبته عليه السلام ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره في كل وقت وزمان ولا ييأسون منه.
الثالث: ان منكر وجوده عليه السلام مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس اذا غيبها السحاب عن الابصار.
الرابع: ان الشمس قد تكون غيبتها في السحاب، اصلح للعباد من ظهورها لهم بغير حجاب، فكذلك غيبته عليه السلام اصلح لهم في تلك الازمان فلذا غاب عنهم.
الخامس: ان الناظر الى الشمس لا يمكنه النظر اليها بارزة عن السحاب وربما عمي بالنظر اليها لضعف الباصرة عن الاحاطة بها، فكذلك شمس ذاته المقدسة ربما يكون ظهوره اضرّ لبصائرهم ويكون سببا لعماهم عن الحق، وتحتمل بصائرهم الايمان به في غيبته كما ينظر الانسان الى الشمس من تحت السحاب ولا يتضرر بذلك.
السادس: ان الشمس قد تخرج من السحاب وينظر اليها واحد دون واحد، كذلك يمكن ان يظهر عليه السلام في ايام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
السابع: انهم كالشمس في عموم النفع وانما لا ينتفع بهم من كان اعمى كما فسرّ به في الاخبار بقوله تعالى: (من كان في هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى واضل سبيلا).
الثامن: ان الشمس كما ان شعاعها يدخل البيوت بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع عنها؛ فكذلك الخلق، انما ينتفعون بانوار هدايتهم بقدر ما يرفعون من الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانية والعلائق الجسمانية وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية، الى ان ينتهي الامر الى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب.
قد فتحت لك من هذه الجنة الروحانية ثمانية ابواب ولقد فتح الله علي بفضله ثمانية اخرى تضيق العبارة عن ذكرها عسى الله ان يفتح علينا وعليك في معرفتهم الف باب يفتح من كل باب الف باب انتهى كلامه قدس الله سرّه. [۱]
۴. كمال الدين [۲]: عن علي عليه السلام انه قال؛ في خطبة له على منبر الكوفة: اللهم لا بد لارضك من حجة لك على خلقك يهديهم الى دينك ويعلمهم علمك لئلا تبطل حجتك ولا يضلّ اتباع اوليائك بعد اذ هديتهم به، اما ظاهر ليس بالمطاع او مكتتم مترقب، ان غاب عن الناس شخصه في حال هدايتهم فان علمه وآدابه في قلوب المؤمنين مثبتة فهم بها عاملون.
۵. كتاب الغيبة [۱]: عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال: الإسلام والسلطان العادل اخوان توأمان لا يصلح واحد منهما الا بصاحبه، الاسلام اسّ والسلطان العادل حارس، مالااس له فمنهدم، ومالاحارس له فضائع فلذلك اذا رحل قائمنا لم يبق اثر من الدنيا.
۶. كمال الدين [۲]: عن جابر بن عبدالله الانصاري انه قال: لما انزل الله عزّ وجلّ على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (ياايها الذين امنو اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم). قلت: يارسول الله عرفنا الله ورسوله، فمن اولوالامر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: هم خلفائي ياجابر وائمة المسلمين من بعدي؛ اولهم علي بن ابي طالب، ثم الحسن والحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه ياجابر فاذا لقيته فاقرئه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم سميي وكنيي حجة الله في ارضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي؛ ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الارض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته واوليائه، لا يثبت فيها على القول بامامته الا من امتحن الله قلبه للايمان. قال جابر؛ فقلت له: يارسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال عليه السلام: اي والذي بعثني بالنبوة انهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس و ان تجللها سحاب، ياجابر هذا من مكنون سرّ الله
ومخزون علمه فاكتمه الا عن اهله؟ قال جابر بن يزيد: فدخل جابر بن عبدالله الانصارى على علي بن الحسين عليهما السلام فبينما هويحدثه اذ خرج محمد بن علي الباقر عليه السلام من عند نسائه وعلى راسه ذؤابه وهوغلام، فلما بصر به جابر ارتعدت فرائصه وقامت كل شعرة على بدنه ونظر اليه مليا ثم قال له: يا غلام اقبل؟ فاقبل، ثم قال له: ادبر؟ فادبر، فقال جابر: شمائل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورب الكعبة، ثم قام فدنا منه فقال له: ما اسمك ياغلام؟ فقال محمد، قال: ابن من؟ قال: ابن علي بن الحسين، قال: يابني فدتك نفسي فانت اذا الباقر؟! فقال: نعم، ثم قال: فابلغني ما حملك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال جابر: يامولاي ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشرني بالبقاء الى ان القاك وقال لي: اذا لقيته فاقرئه مني السلام، فرسول الله يامولاي يقرا عليك السلام؟ فقال ابو جعفر عليه السلام: يا جابر على رسول الله السلام ماقامت السماوات والارض وعليك ياجابر كما بلغت السلام، فكان جابر بعد ذلك يختلف اليه ويتعلم منه فساله محمد بن علي عليهما السلام عن شى ء؟ فقال له جابر: والله مادخلت في نهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد اخبرني انكم الائمة الهداة من اهل بيته من بعده، احلم الناس صغارا واعلم الناس كبارا، وقال: (لا تعلموهم فهم اعلم منكم). فقال ابوجعفر عليه السلام: صدق جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اني لاعلم منك بما سالتك عنه ولقد اوتيت الحكم صبيا، كل بفضل الله علينا ورحمته لنا اهل البيت. [۱]
۷. كتاب الغيبة [۱]: عن امير المؤمنين عليه السلام، انه ذكر القائم عليه السلام فقال: اما ليغيبنّ حتى يقول الجاهل مالله في آل محمد حاجة. [۲]
وبهذا المعنى وجدنا سبع روايات ذكرناها لك. [۳]
———-
[۱]: لصبحي الصالح، ص ۴۹۷، قصار الحكم ۱۴۷.
[۲]: للشيخ سليمان البلخي القندوزي، ص ۴۳۷.
[۱]: لشيخ الاسلام الحموئي الخراساني، ج ۱، ص ۴۵، ب ۲، ح ۱۱.

[۱]: منتخب الاثر، ج ۲، ص ۲۶۹- ۲۷۰.
[۲]: لأبي جعفر الشيخ الصدوق، ج ۱، ص ۳۰۲، ب ۲۷، ح ۱۱.
[۱]: للفضل بن شاذان النيشابوري عن كفاية المهتدي (الاربعين)، ص ۲۲۲، ذيل ح ۳۹.
[۲]: لأبي جعفر الشيخ الصدوق، ج ۱، ص ۲۵۳، ب ۲۳، ح ۳.

[۱]: منتخب الاثر، ج ۱، ص ۱۷۴.
[۱]: للشيخ الطوسي، ص ۳۴۰، ح ۲۹۰.
[۲]: منتخب الاثر، ج ۲، ص ۲۴۴.
[۳]: متخب الاثر، ج ۲، ص ۲۶۷- ۲۷۱.
[غیبه المنتظر من منتخب الاثر – صفحه۱۱۵]

Share your thoughts