هل تعتبر هذه الاحاديث الواردة عن غيبة الامام عليه السلام؛

الصغرى والكبرى صحيحة، وهل تطرق العلماء الى صحة هذه الاحاديث؟
الجواب
نعم لقد تطرق علمائنا الى صحة هذه الاحاديث واعتبروها دليلا على صدق ما اخبر به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والائمة عليهم السلام، واليك نبذة من اقوالهم رضي الله عنهم جميعا:
۱. الشيخ الاجل الاقدم؛ ابن ابي زينب الكاتب النعماني، المعاصر للشيخ الكليني، قال: (هذه الاحاديث التي يذكر فيها ان للقائم عليه السلام غيبتين؛ أحاديث قد صحت عندنا بحمدالله، وأوضح الله قول الائمة عليهم السلام وأظهر برهان صدقهم فيها، فأما الغيبة الاولى؛ فهي الغيبة التي كانت السفراء فيها بين الإمام عليه السلام وبين الخلق قياما منصوبين ظاهرين موجودي الأشخاص والأعيان، يخرج على أيديهم غوامض العلم [الشفاء من العلم- خ، سهاء العلم- خ وعويص الحكم، والأجوبة عن كل ماكان يُسأل عنه من المعضلات والمشكلات، وهي الغيبة القصيرة التي انقضت أيامها، وتصرمت مدتها، والغيبة الثانية؛ هي التي ارتفع فيها أشخاص السفراء والوسائط للأمر الذي يريده الله تعالى، والتدبيرالذي يمضيه في الخلق، ولوقوع التمحيص والامتحان والبلبلة والغربلة والتصفية على من يدعي هذا الأمر، كما قال الله عزّ وجلّ: (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب) وهذا زمان ذلك قد حضر- جعلنا الله فيه من الثابتين على الحق، وممن لايخرج في غربال الفتنة- فهذا معنى قولنا: (له غيبتان)، ونحن في الأخيرة نسأل الله أن يقرب فرج أوليائه منها، ويجعلنا في حيِّز خيرته، وجملة التابعين لصفوته، ومن خيار من ارتضاه وانتجبه لنصرة وليه وخليفته، فإنه ولي الاحسان، جوادٌ منّان). [۱]
۲. امين الاسلام؛ ابي عليّ الطبرسي، المتوفي سنة (۵۴۸ ه-)، ذكر في كتابه (اعلام الورى)، في الفصل الاول من الباب الثالث من القسم الثاني من الركن الرابع- بعد ذكر أن أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجة عليه السلام بل زمان أبيه وجده، وأن المحدثين من الشيعة خلدوها في اصولهم المؤلفة في أيام السيّدين؛ الباقر والصادق عليهما السلام وأثروها عن النبي والائمة عليهما السلام واحدا بعد واحد، وأن هذا دليل صحة القول في إمامة صاحب الزمان لوجود هذه الصفة له، والغيبة المذكورة في دلائله وأعلام امامته، وأنه لايمكن لأحد دفع ذلك- ماهذا لفظه: (ومن جملة ثقات المحدثين والمصنفين من الشيعة: الحسن بن محبوب الزراد، وقد صنف كتاب (المشيخة) الذي هو في اصول الشيعة اشهر من كتاب المزني وأمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة، فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة فوافق الخُبر الخبر، وحصل كل ما تضمنه الخبر بلا اختلاف، ومن جملة ذلك مارواه عن إبراهيم الخارقي عن أبي بصير عن أبي عبدالله (ثم ذكر الحديث الخامس من هذا الباب) وقال: فانظر كيف قد حصل الغيبتان لصاحب الأمر عليه السلام على حسب ما تضمنه الأخبار السابقة لوجوده عن آبائه وجدوده، انتهى).
۳. الشيخ المفيد المتوفي سنة (۴۱۳ ه-): قال في (الفصول العشرة): (الاخبار عمن تقدم من أئمة آل محمد عليهم السلام متناصرة بأنه لابد للقائم المنتظر من غيبتين: إحداهما أطول من الاخرى، يعرف خبره الخاص في القصرى، ولا يعرف العام له مستقرا في الطولى، إلا من تولى خدمته من ثقات أوليائه، ولم ينقطع عنه إلى الاشتغال بغيره، والأخبار بذلك موجودة في مصنفات الشيعة الإمامية قبل مولد أبي محمد وأبية وجده عليهم السلام، وظهر حقها عند مضي الوكلاء والسفراء الذين سميناهم رحمهم الله، وبان صدق روّاتها بالغيبة الطولى، وكان ذلك من الآيات الباهرات في صحة ماذهبت اليه الإمامية، انتهى).
ويقول مؤلف كتاب؛ (منتخب الاثر) دام ظله الشريف:
بل ويدل على صحة هذه الأحاديث نفس تخريجها في الكافي الذي صنفه الكليني- قدس سره- في عصر الغيبة الصغرى، وانقضاء عصرها وحصول الغيبة الثانية التامة بعده، فإن علي بن محمد السمري- رضي الله عنه- هو آخر السفراء؛ توفي في شعبان سنة (۳۲۹ ه-)، والكليني توفي في سنة؛ (۳۲۸ ه-)، وعلى قول توفي في سنة؛ (۳۲۹ ه-)، في السنة التي توفي فيها السفير الرابع السمري فإنه أيضا توفي في النصف من شعبان من سنة (۳۲۹ ه-)، واحتمل بعضهم على فرض وقوع وفاة الكليني في سنة (۳۲۹ ه-) وقوعها قبل وفاة السمري.
وكيف كان تخريج هذه الأحاديث في الكافي وانقضاء مدة الغيبة القصرى، ووقوع الغيبة الطولى التامة بعده يؤكد صحة هذه الأحاديث، بل بنفسه دليل على صحتها.
هذا ولا يخفى عليك؛ أن قصة غيبة مولانا المهدي- بأبي هو وامي- مذكورة في أشعار شعراء الشيعة؛ كالحميري المتوفي سنة (۱۷۳ ه-)، وهوالذي يقول؛ في قصيدته التي خاطب بها مولانا الصادق عليه السلام [۱]:
و لكن رُوينا عن وصي محمد وما كان فيما قال بالمتكذب بأن ولي الامريفقد لا يرى ستيرا كفعل الخائف المترقب فيقسم أموال الفقيد كانما تعيّبه بين الصفيح المنصب فيمكث حينا ثم ينبع نبعة كنبعة جدي من الافق كوكب واشهد ربي أن قولك حجة على الخلق طرا من مطيع ومذنب بأن ولي الأمروالقائم الذي تطلع نفس- ي نحوه بتطرّب
له غيبة لا بد من أن يغيبها فصلى عليه الله من متغيّب فيمكث حينا ثم يظهر حينه فيملأعدلا كل شرق و مغرب [۲]
———-
[۱]: غيبة النعماني، ص ۱۷۳- ۱۷۴.

[۱]: انظر الغدير، ج ۲، ص ۲۴۷.

[۲]: منتخب الاثر، ج ۲، ص ۲۴۱.
[غیبه المنتظر من منتخب الاثر – صفحه۶۴]

Share your thoughts