لقد لاح لنا مما سبق؛ انه عليه السلام ولد وان ولادته

كانت بالخفاء وكان ذلك بسبب تهديد الظلمة له، وفي الختام نحب ان تذكروا شيئا عن امه سلام الله عليها:
الجواب
نعم وردت الروايات التي تحكي بعضا من تاريخ السيدة نرجس والدة الامام الحجة عليهما السلام ونحن نشير الى بعض الروايات تبركا:
۱. كمال الدين [۱]: عن محمد بن عثمان العمري- قدس الله روحه- انه قال: ولد السيد عليه السلام مختون، وسمعت حكيمة تقول: لم ير بامه دم في نفاسها، وهكذا سبيل امهات الأئمه عليهم السلام.
۲. الغيبة [۲]: حدثنا محمد بن عبد الجبار قال؛ قلت لسيدي الحسن بن علي عليه السلام: يا ابن رسول الله! جعلني الله فداك، احب أن أعلم من الإمام وحجة الله على عباده من بعدك؟ فقال عليه السلام: إن الإمام وحجة الله من بعدي ابني، سمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنيه، الذي هوخاتم حجج الله، وآخر خلفائه، فقلت: ممن يتولد يا ابن رسول الله؟ قال: من ابنة ابن قيصر ملك الروم، ألا انه سيولد فيغيب عن الناس غيبة طويلة، ثم يظهر ويقتل الدجال، فيملأ الأرض
قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، فلا يحل لأحد أن يسميه أو يكنيه قبل خروجه (صلوات الله عليه).
۳. البحار [۱]: قال: حدثنا؛ ابو الحسين محمد بن بحر الشيباني قال: وردت كربلاء سنة ست وثمانين ومائتين، قال: وزرت قبر غريب رسول الله (صلى الله عليه وآله و سلم)، ثم انكفأت الى مدينة السلام متوجها إلى مقابر قريش، في وقت قد تضرمت الهواجر، وتوقدت السمائم، فلما وصلت منها إلى مشهد الكاظم عليه السلام واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة، المحفوفة بحدائق الغفران، أكببت عليها بعبرات متقاطرة، وزفرات متتابعة، وقد حجب الدمع طرفي عن النظر، فلما رقأت العبرة، وانقطع النحيب فتحت بصري فإذا أنا بشيخ قد انحنى صلبه، وتقوس منكباه، وثفنت جبهته وراحتاه، وهو يقول لآخر معه عند القبر: يا ابن أخي! لقد نال عمك شرفا بما حملّه السيدان من غوامض الغيوب، وشرائف العلوم التي لم يحمل مثلها إلا سلمان، وقد أشرف عمك على استكمال المدة وانقضاء العمر، وليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضي إليه بسره، قلت: يانفس! لايزال العناء والمشقة ينالان منك باتعابي الخف والحافر في طلب العلم، وقد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدل على علم جسيم وأثر عظيم، فقلت: أيها الشيخ! من السيدان!؟ قال: النجمان المغيبان في الثرى بسر من رأى، فقلت: إني اقسم بالموالاة، وشرف محل هذين السيدين من الإمامة والوراثة إني خاطب علمهما، وطالب آثارهما، وباذل من نفسي الأيمان المؤكدة على حفظ أسرارهما،
قال: إن كنت صادقا فيما تقول فأحضر ما صحبك من الآثار عن نقلة أخبارهم، فلما فتش الكتب وتصفح الروايات منها قال: صدقت، أنا بشر بن سليمان النخاس، من ولد أبي أيوب الأنصاري، أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد عليهما السلام، وجارهما بسر من رأى، قلت: فأكرم أخاك ببعض ماشاهدت من آثارهما؟ قال: كان مولانا أبو الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام فقهني في أمر الرقيق، فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلا بإذنه، فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتى كملت معرفتي فيه، فأحسنت الفرق [فيما] بين الحلال والحرام، فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رأى وقد مضى هويٌّ من الليل إذ قرع الباب قارع، فعدوت مسرعا فاذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام يدعوني إليه؟ فلبست ثيابي ودخلت عليه، فرأيته يحدث ابنه أبا محمد واخته حكيمة من وراء الستر، فلما جلست قال: يا بشر! إنك من ولد الأنصار، وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها شأو الشيعة في الموالاة بها، بسر أطلعك عليه، وأنفذك في ابتياع أمة، فكتب كتابا ملصقا بخط روميّ ولغة روميّة، وطبع عليه بخاتمه، وأخرج شستقة صفراء فيها مائتان وعشرون دينارا، فقال: خذها وتوجه بها إلى بغداد، واحضر معبر الفرات ضحوة كذا، فاذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا، وبرزن الجواري منها، فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس وشراذم من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النخاس عامة نهارك، إلى أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا، لابسة حريرتين صفيقتين، تمتنع من السفور،
ولمس المعترض، والانقياد لمن يحاول لمسها ويشغل نظره بتأمل مكاشفها من وراء الستر الرقيق، فيضربها النخاس فتصرخ صرخة روميّة، فاعلم أنها تقول: واهتك ستراه! فيقول بعض المبتاعين: عليّ بثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة، فتقول بالعربية: لوبرزت في زي سليمان وعلى مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبة، فأشفق على مالك، فيقول النخاس: فما الحيلة ولا بد من بيعك، فتقول الجارية: وماالعجلة ولابد من اختيار مبتاع يسكن قلبي [إليه و] إلى أمانته وديانته، فعند ذلك قم الى عمر بن يزيد النخاس وقل له: إن معي كتابا ملصقا لبعض الاشراف كتبه بلغة روميّة وخط روميّ، ووصف فيه كرمه ووفاه وسخاءه، فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه، فإن مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك؟
قال بشر بن سليمان النخاس: فامتثلت جميع ماحده لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في أمر الجارية، فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديدا، وقالت؛ لعمر بن يزيد النخاس: بعني من صاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرّجة المغلظة أنه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها، فمازلت اشاحّه في ثمنها حتى استقر الأمر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير في الشستقة الصفراء، فاستوفاه مني وتسلمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة وانصرفت بها إلى حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولاها عليه السلام من جيبها وهي تلثمه وتضعه على خدها، وتطبقه على جفنها، وتمسحه على بدنها، فقلت تعجبا منها: أتلثمين كتابا ولاتعرفين صاحبه؟ قالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء، أعرني سمعك، وفرغ لي
قلبك أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وامي من ولد الحواريين، تنسب إلى وصي المسيح شمعون، انبئك العجب العجيب، إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريين ومن القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل، ومن ذوي الأخطار سبعمائة رجل، وجمع من امراء الأجناد وقواد العساكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر أربعة الاف، وأبرز من بهو ملكه عرشا مسوغا [مصوغا- ظ] من أصناف الجواهر إلى صحن القصر فرفعه فوق أربعين مرقاة، فلما صعد ابن أخيه وأحدقت به الصلبان وقامت الأساقفة عكفا ونشرت أسفار الإنجيل تسافلت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض، وتقوّضت الأعمدة فانهارت الى القرار، وخر الصاعد من العرش مغشيا عليه، فتغيرت ألوان الاساقفة، وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم لجدي: أيها الملك، اعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة على زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني! فتطير جدي من ذلك تطيرا شديدا، وقال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة وارفعوا الصلبان، وأحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جدّه، لازوج منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده؟ فلما فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الأول! وتفرق الناس، وقام جدي قيصر مغتما ودخل قصره وأرخيت الستور، فاريت في تلك الليلة، كأن المسيح والشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي، ونصبوا فيه منبرا يباري السماء علوا وارتفاعا في الموضع الذي كان جدي نصب فيه عرشه، فدخل عليهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم مع فتية وعدة من بنيه، فيقوم إليه المسيح فيعتنقه، فيقول: ياروح الله! إني جئتك خاطبا من وصيك شمعون فتاته
طلاعي إياك عليه، ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته، وقلت: نرجس، فقال: اسم الجواري.
فقلت: العجب! انك رومية ولسانك عربي؟ قالت: بلغ من ولوع جدي وحمله إياي على تعلم الاداب أن أوعز إليّ امرأة ترجمان له في الاختلاف إليّ، فكانت تقصدني صباحا ومساء، وتفيدني العربية حتى استمر عليها لساني واستقام.
قال بشر: فلما انكفأت بها إلى سر من رأى دخلت على مولانا أبي الحسن العسكري عليه السلام، فقال لها: كيف أراك الله عزالإسلام وذل النصرانية، وشرف
أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ قالت: كيف أصف لك يابن رسول الله ما أنت أعلم به مني؟! قال: فإني اريد أن اكرمك، فأيما أحب إليك عشرة الآف درهم، أم بشرى لك فيها شرف الأبد؟ قالت: بل البشرى، قال عليه السلام: فأبشري بولد يملك الدنيا شرقا وغربا، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، قالت: ممن؟ قال عليه السلام: ممن خطبك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له من ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا بالروميّة؟ قالت: من المسيح ووصيه، قال: فممن زوجك المسيح عليه السلام ووصيه؟ قالت: من ابنك أبي محمد، قال: فهل تعرفينه؟ قالت: وهل خلت ليلة من زيارته إياي منذ الليلة التي أسلمت فيها على يد سيدة النساء امه؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: يا كافور! ادع لي اختي حكيمة؟ فلما دخلت عليه قال عليه السلام لها: هاهي، فاعتنقتها طويلا، وسرت بها كثيرا، فقال لها مولانا: يا بنت رسول الله! أخرجيها إلى منزلك، وعلميها الفرائض والسنن، فإنها زوجة أبي محمّد وامّ القائم عليهما السلام.
۴. كمال الدين [۱]: حدثني علان الرازي قال: اخبرني بعض اصحابنا؛ أنه لما حملت جارية أبي محمد عليه السلام قال: ستحملين ذكرا، واسمه محمد، وهو القائم من بعدي.
وفي ثبوت ولادته وكيفيتها وتاريخها وبعض حالات امه واسمها عليهما السلام يوجد ۴۲۶ حديثا. [۲]
۵. كتاب الغيبة [۱]: عن جابر الجعفي؛ قال: سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول: سال عمر بن الخطاب أمير المومنين عليه السلام فقال: أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ فقال: أما اسمه، إن حبيبي شهد إليّ أن لا احدث باسمه حتى يبعثه الله، قال: فأخبرني عن صفته؟ قال: هو شاب مربوع، حسن الوجه، حسن الشعر، يسيل شعره على منكبيه، ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، بأبي ابن خيرة الإماء. والاحاديث الدالة على انه عليه السلام ابن خيرة الاماء؛ حوالي ۱۱ حديثا. [۲]
ولقد اشار استاذنا المعظم آية الله العظمى الشيخ صافي الگلپايگاني- دام ظله- مؤلف كتاب؛ (منتخب الاثر في الامام الثاني عشر) حول نهاية‌ام الامام الحجة عليهما السلام ما هذا نصه:
اعلم؛ انه اختلفت الروايات في نهاية حال‌ام الامام عليهما السلام، ففي بعضها؛ انها حصلت بعد وفاة الامام ابي محمد العسكري عليه السلام، في دار محمد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيدالله بن العباس بن مولانا اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، (وصفوه؛ بانه ثقة، عين في الحديث، صحيح الاعتقاد، له كتاب)، وفي بعضها انها طلبت من الامام ابي محمد عليه السلام: ان يدعو لها بالموت قبل وفاته عليه السلام؟ فاستجيب دعاؤه، وفي بعضها؛ انها كانت حاضرة عند وفاة الامام عليه السلام، وفي بعضها انها هاجرت الى مكة المكرمة في حياة الامام، مع ابنه الحجة عليهما السلام بامر الامام ابي محمد عليه السلام، وكما ترى ان
الروايات قد دلّت على حياتها بعد الامام عليه السلام والظاهر الارجح؛ حياتها بعد وفاة الامام ابي محمد عليه السلام والشاهد على ذلك وقوع قبرها خلف قبر الامام ابي محمد عليه السلام.
وعلى كل حال لا يضرّ مثل هذه الاختلافات في ما نحن بصدده فان اعتمادنا في هذا الكتاب على ما تواترت به الاحاديث او استفاضت به في النقل دون اخبار الآحاد، فالاخبار يؤيد بعضها بعضا فيما اتفقت عليه. ولا يخفى عليك ان مثل هذه الاختلافات الفرعية، قد وقعت في تواريخ سائر الائمةّ والانبياء ورجالات التاريخ وفي كيفيات وقوع الحوادث المهمة المقطوع باصلها عند الكلّ، دون ان يصير ذلك سببا للشك في اصل وجود الاشخاص واحوالهم المعلومة والحوادث التاريخية المشهورة، هذا مضافا الى ان الظروف والاحوال التي كان عصر الامام ابي محمد عليه السلام الى بعد وفاته، محفوفا بها؛ ربما تقتضي خفاء مثل هذه الامور الجزئية. [۱]
———-
[۱]: للشيخ الصدوق، ج ۲، ص ۴۳۳، ب ۴۲، ح ۱۴.
[۲]: للفضل بن شاذان النيشابوري عن كفاية المهتدي (الاربعين)، ص ۱۰۴، ح ۲۸.
[۱]: للعلامة المجلسي، ج ۵۱، ص ۶- ۱۰، ح ۱۲، ب ۱.

[۱]: للشيخ الصدوق، ج ۲، ص ۴۰۸، ب ۳۸، ح ۴.
[۲]: راجع منتخب الاثر، ج ۲، ص ۳۶۹- ۴۱۶.
[۱]: للشيخ الطوسي، ص ۲۸۱، ح ۵.

[۲]: راجع منتخب الاثر، ج ۲، ص ۲۰۹- ۲۱۳.
[۱]: منتخب الاثر، ج ۲، ص ۴۰۶.
[غیبه المنتظر من منتخب الاثر – صفحه۴۴]

Share your thoughts