اذا كان الامام الحجة عليه السلام يعيش وهو غائب عن الناس فكيف كان يدير الامور وكيف كان يتصل بالناس؟

الجواب
لقد كان اتصال الامام بالناس بعدة طرق؛ منها: عن طريق السفراء، ثم الوكلاء، او يباشر بعض الامور بنفسه عليه السلام كما مرّ عليك سابقا، او كان بتوسط بعض الناس الغير معروفين، ونحن نشير هنا الى سفراءه ونوابه في غيبته الصغرى الذين كانوا وسائط لاتصاله مع الناس:
ونذكر نبذة عنهم كما ذكر استاذنا المفدى المؤلف دام ظله، حيث قال:
اعلم؛ ان وكلاءه ونوابه عليه السلام في زمان الغيبة الصغرى كما يظهر من مراجعة الكتب المعتبرة كانوا عدة من الثقات الممدوحين بالوثاقة والامانة والصداقة وكان يخرج من عندهم توقيعاته واوامره ونواهيه عليه السلام ويظهر منهم الكرامات والاخبار عن المغيبات من جهته، واقتصر على ذكر اسماء الاربعة المعروفين منهم الذين اجمع الشيعة على امانتهم وعدالتهم ورفعة مقامهم وعلوّ درجتهم فنقول:
الاول: الشيخ ابو عمرو عثمان بن سعيد العمري- رضي الله تعالى عنه- وقد نصبّه ابو الحسن علي بن محمد العسكري وابو محمد الحسن بن علي عليهم السلام، وكان اسديا ويقال له العسكري والسمّان؛ لانه كان يتجر في السمن تغطية على
الامر، وقد ورد النص عليه من الامامين المذكورين ومن مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه، وقد ذكره الشيخ؛ في رجاله تارة، في ذكر اصحاب الهادي عليه السلام فقال:
عثمان بن سعيد العمري، يكنى ابا عمرو السمّان، ويقال له: الزيات، خدمه وله احدى عشرة سنة، وله اليه عهد معروف
، وتارة في اصحاب ابي محمد الحسن عليه السلام فقال:
جليل القدر ثقة وكيله عليه السلام
وقال ايضا في رجاله:
محمد بن عثمان بن سعيد العمري يكنى؛ ابا جعفر وابوه يكنى ابا عمرو جميعا وكيلان من جهة صاحب الزمان عليه السلام ولهما منزلة جليلة عند الطائفة، انتهى
، ولقد اجاد المولى الوحيد، حيث قال، كما في تنقيح المقال: هو اجل واشهر من ان يُذكر.
الثاني: ابو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري- رضوان الله تعالى عليه- فانه لما مضى ابوه ابو عمرو قام مقامه بنصّ ابي محمد عليه السلام عليه، ونصّ ابيه عثمان عليه، بامر القائم عليه السلام وقد نقل الشيخ في غيبته، عن ابي العباس عن هبة الله بن محمد عن شيوخه: اجماع الشيعة على عدالته ووثاقته وامانته، لما ورد عليه من النص بالعدالة والامر بالرجوع اليه في حياة الحسن عليه السلام وبعد موته في حياة ابيه قال:
وقد نقلت عنه دلائل كثيرة ومعجزات الامام ظهرت على يده… الخ
. قال في تنقيح المقال:
جلالة شان الرجل وعلو قدره ومنزلته في الامامية اشهر من ان يحتاج الى بيان… الخ
وكان له كتب مصنفة مما سمعها من ابي محمد الحسن ومن الصاحب عليهما السلام ومن ابيه عثمان بى سعيد عن ابي محمد وعن ابي الحسن الهادي عليهما السلام قال الشيخ في كتاب (الغيبة) ؛ قال ابو نصر هبة الله: وجدت بخط ابي الزراري- رحمه الله وغفر له-؛ ان ابا جعفر محمد
بن عثمان العمري- رحمة الله عليه- مات في آخر جمادي الاولى سنة خمس وثلاثمائة وذكر ابو نصر هبة الله بن محمد بن احمد؛ ان ابا جعفر العمري مات في سنة اربع وثلاثمائة، وانه كان يتولى هذا الامر نحوا من خمسين سنة يحمل الناس اليه اموالهم ويُخرج اليهم التوقيعات بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن عليه السلام اليهم بالمهمّات في امر الدين والدنيا وفيما يسألونه من المسائل بالاجوبة العجيبة، رضي الله عنه وارضاه.
الثالث: من السفراء؛ الشيخ ابو القاسم الحسين بن روح بن ابي بحر النوبختي- رحمة الله عليه- المتولي لمقام النيابة الخاصة بعد محمد بن عثمان، رحمهما الله، والقائم مقامه بنص منه بامر الامام عليه السلام وهو من اعقل الناس عند الموافق والمخالف، وكان له مكانة عظيمة عند العامة ايضا، وقد كان لمحمد بن عثمان نحوا من عشرة انفس وابو القاسم بن روح فيهم وكانوا كلهم اخصّ به من الشيخ ابي القاسم وبلغ جعفر بن احمد بن متيل منه من الخصوصية به وكثرة كينونته في منزله بمرتبة؛ كان اصحابنا لا يشكون؛ ان كانت حادثة لم تكن الوصية إلا اليه، ولكن لما وقع الاختيار بامر الامام على؛ ابي القاسم، لم ينكروا وسلموا، ولم يزل جعفر بن احمد بن متيل في جملة ابي القاسم وبين يديه كتصرفه بين يدي ابي جعفر العمري الى ان مات، وتوفي الشيخ ابو القاسم- رضي الله عنه- في شعبان سنة ست وعشرين وثلاثمائة فكانت مدة سفارته احدى او اثنتان وعشرون سنة.
الرابع: من الوكلاء في عصر الغيبة الصغرى؛ الشيخ ابو الحسن علي بن محمد السمري- رحمة الله عليه- القائم مقام الشيخ ابي القاسم بنصّ منه وهو آخر الوكلاء وبموته وقعت الغيبة التامة وصار الامر الى الفقهاء وحملة الاحاديث
وعلوم اهل البيت عليهم السلام، فيجب على العوام الرجوع اليهم، ودلت على ذلك روايات كثيرة، قد مر بعضها ومات ابو الحسن علي بن محمد السمري؛ في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. [۱]
———-
[۱]: حاشية منتخب الاثر، ح ۲، ص ۵۰۶- ۵۰۸.
[غیبه المنتظر من منتخب الاثر – صفحه۱۵۷]

Share your thoughts