هل رأى الامام الحجة عليه السلام، احدٌ من الناس بعد ما قلتم بانقطاع باب السفارة و النيابة الخاصة؟

الجواب
لقد ذكر مؤلف كتاب منتخب الاثر دام ظله؛ بابا في حالات الامام الحجة عليه السلام ومعجزاته في الغيبة الكبرى، وذكر بعض من تشرف بزيارته ونقل الكثير من الاحاديث في ذلك، ونحن نذكر روايات؛ فيمن رآه في الغيبة الكبرى:
۱. الانوار النعمانية [۱]: قال بعد ذكر ورع المقدس الاردبيلي- قدس سره- وعلو رتبته في الزهد والتقوى وبعض كراماته: حدثني اوثق مشايخي علما وعملا: ان لهذا الرجل- وهو المولى الاردبيلي- تلميذا من اهل تفريش اسمه ميرعلام [فيض الله- خ، وقد كان بمكان من الفضل والورع (كان فاضلا محدثا جليلا) [۲] قال ذلك التلميذ: انه قد كانت له حجرة في المدرسة المحيطة بالقبة الشريفة فاتفق اني فرغت من مطالعتي، وقد مضى جانب كثير من الليل، فخرجت من الحجرة انظر في حوش الحضرة، وكانت الليلة شديدة الظلام فرأيت رجلا مقبلا على الحضرة الشريفة، فقلت: لعل هذا سارق جاء ليسرق شيئا من القناديل! فنزلت واتيت الى قربه فرأيته وهو لايراني فمضى الى الباب ووقف فرأيت القفل قد سقط وفتح له الباب الثاني والثالث على هذا الحال! فاشرف على القبر فسلم واتى من جانب القبر ردّ السلام! فعرفت صوته، فإذا هو يتكلم مع الامام عليه السلام في مسألة علمية ثم خرج من البلد متوجها الى مسجد الكوفة، فخرجت خلفه وهو لايراني، فلما وصل الى محراب المسجد سمعته يتكلم مع رجل آخر بتلك المسألة، فرجع ورجعت خلفه، فلما بلغ الى باب البلد اضاء الصبح فأعلنت نفسي له، وقلت له: يا مولانا كنت معك من الاول الى الآخر! فاعلمني من كان الرجل الاول الذي كلمته في القبة؟ ومن الرجل الآخر الذي كلمك في مسجد الكوفة؟ فاخذ علي المواثيق اني لا اخبر احدا بسره حتى يموت، فقال لي: يا ولدي! ان بعض المسائل تشتبه عليّ فربما خرجت في بعض الليل الى قبر مولانا امير المؤمنين عليه السلام وكلمته في المسألة وسمعت الجواب، وفي هذه الليلة احالني على مولانا صاحب الزمان، وقال لي: ان ولدنا المهدي هذه الليلة في مسجد الكوفة فامض اليه وسله عن هذه المسألة؟ وكان ذلك الرجل هو المهدي عليه السلام.
۲. بحار الانوار [۱]: ومنها ما اخبرني به جماعة من اهل الغري- على مشرفه السلام-: ان رجلا من اهل قاشان اتى الى الغري متوجها الى بيت الله الحرام فاعتل علة شديدة حتى يبست رجلاه ولم يقدر على المشي، فخلفه رفقاؤه وتركوه عند رجل من الصلحاء كان يسكن في بعض حجرات المدرسة المحيطة بالروضة المقدسة، وذهبوا الى الحج، فكان هذا الرجل يغلق عليه الباب كل يوم
ويذهب الى الصحاري للتنزه ولطلب الدراري التي تؤخذ منها، فقال له في بعض الايام: اني قد ضاق صدري واستوحشت من هذا المكان فاذهب بي اليوم واطرحني في مكان واذهب حيث شئت؟ قال: فاجابني الى ذلك، وحملني وذهب بي الى مقام القائم صلوات الله عليه خارج النجف فاجلسني هناك وغسل قميصه في الحوض وطرحه على شجرة كانت هناك وذهب الى الصحراء، وبقيت وحدي مغموما افكر فيما يؤول اليه امري، فأذا بشاب صبيح الوجه اسمر اللون، دخل الصحن وسلم علي وذهب الى بيت المقام، وصلى عند المحراب ركعات، بخضوع وخشوع لم ار مثله قط، فلما فرغ من الصلاة خرج واتاني وسآلني عن حالي؟ فقلت له: ابتليت ببلية ضقت بها، لا يشفيني الله فاسلم منها ولا يذهب بي فاستريح! فقال: لا تحزن سيعطيك الله كليهما! وذهب فلما خرج رأيت القميص وقع على الارض فقمت واخذت القميص وغسلتها وطرحتها على الشجرة! فتفكرت في امري، وقلت: انا كنت لا اقدر على القيام والحركة فكيف صرت هكذا؟ فنظرت الى نفسي فلم اجد شيئا مما كان بي فعلمت انه كان القائم صلوات الله عليه، فخرجت فنظرت في الصحراء فلم ار احدا، فندمت ندامة شديدة، فلما اتاني صاحب الحجرة: سألني عن حالي وتحير في امري؟ فاخبرته بما جرى، فتحسّر على ما فات منه ومني ومشيت معه الى الحجرة.
قالوا: فكان هكذا سليما حتى اتى الحاج ورفقاؤه فلما رآهم وكان معهم قليلا، مرض ومات ودفن في الصحن فظهر صحة ما اخبره عليه السلام من وقوع الامرين معا.
۳. جنة الماوى [۱]: الحكاية التاسعة ما حدّثني به العالم العامل والعارف الكامل غواص غمرات الخوف والرجاء وسياح فيافي الزهد والتقى صاحبنا المفيد وصديقنا السديد؛ الآغا علي رضا، ابن العالم الجليل الحاج المولى محمد النائيني- رحمهما الله تعالى- عن العالم البدل الورع التقي صاحب الكرامات والمقامات العاليات، المولى زين العابدين ابن العالم الجليل المولى محمد السلماسي- رحمه الله- تلميذ آية الله السيد السند والعالم المسدد فخر الشيعة وزينة الشريعة العلامة الطباطبائي محمد مهدي المدعو ببحر العلوم- اعلى الله درجته- وكان المولى المزبور من خاصته في السر والعلانية، قال: كنت حاضرا في مجلس السيد في المشهد الغروي، اذ دخل عليه لزيارته المحقق القمي صاحب (القوانين) في السنة التي رجع من العجم الى العراق زائرا لقبور الائمة عليهم السلام، وحاجا لبيت الله الحرام، فتفرق من كان في المجلس وحضر للاستفادة منه وكانوا ازيد من مائة، وبقي ثلاثة من اصحابه ارباب الورع والسداد البالغين الى رتبة الاجتهاد فتوجه المحقق الايّد الى جناب السيد، وقال: انكم فزتم وحزتم مرتبة الولادة الروحانية والجسمانية وقرب المكان الظاهري والباطني، فتصدقوا علينا بذكر مائدة من موائد تلك الخوان وثمرة من الثمار التي جنيتم من هذه الجنان، كي تنشرح به الصدور وتطمئن به القلوب؟ فاجاب السيد من غيرتامل، وقال: اني كنت في الليلة الماضية قبل ليلتين او اقل- الترديد من الراوي- في المسجد الاعظم بالكوفة لاداء نافلة الليل عازما على الرجوع الى النجف في اول الصبح لئلا
يتعطل امرالبحث والمذاكرة- وهكذا كان دابه في سنين عديدة- فلما خرجت من المسجد، القي في روعي، الشوق الى مسجد السهلة، فصرفت خيالي عنه خوفا من عدم الوصول الى البلد قبل الصبح، فيفوت البحث في اليوم ولكن كان الشوق يزيد في كل آن ويميل القلب الى ذلك المكان، فبينا اقدم رجلا وأوخر اخرى، اذا بريح فيها غبار كثير فهاجت بي وامالتني عن الطريق فكانها التوفيق الذي هو خير رفيق، الى ان القتني الى باب المسجد، فدخلت فاذا به خاليا عن العباد والزوار الا شخصا جليلا مشغولا بالمناجاة مع الجبار بكلمات ترق القلوب القاسية وتسح الدموع من العيون الجامدة، فطار بالي وتغير حالي ورجفت ركبتي وهملت دمعتي من استماع تلك الكلمات التي لم تسمعها اذني ولم ترها عيني مما وصلت اليه من الادعية الماثورة وعرفت ان الناجي ينشئها في الحال لاانه ينشد ما اودعه في البال فوقفت في مكاني مستمعا متلذذا الى ان فرغ من مناجاته فالتفت اليّ وصاح بلسان العجم: (مهدي بيا) اي: هلم يامهدي؟ فتقدمت اليه بخطوات فوقفت، فامرني بالتقدم؟ فمشيت قليلا، ثم وقفت، فامرني بالتقدم؟ وقال: ان الادب في الامتثال؟! فتقدمت اليه بحيث تصل يدي اليه ويده الشريفة اليّ وتكلم بكلمة! قال المولى السلماسي- رحمه الله-: ولما بلغ كلام السيد السند الى هنا اضرب عنه صفحا وطوى عنه كشحا، وشرح في الجواب؛ عما ساله المحقق المذكور قبل ذلك عن سر قلة تصانيفه مع طول باعه في العلوم؟ فذكر له؛ وجوها، فعاد المحقق القمي؛ فسال عن هذا الكلام الخفي؟ فاشار بيده شبه المنكر بان هذا سر لايذكر!.
۴. الخرائج والجرائح [۱]: ومنها ما روي عن ابي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه؛ قال: لما وصلت بغداد سنة تسع [سبع- خ وثلاثين [وثلاثمائة] اردت الحج وهي السنة التي ردّ القرامطة فيها الحجر الى مكانه من البيت، كان اكبر همي الظفر بمن ينصب الحجر، لانه يمضي في اثناء الكتب قصّة اخذه، وانه ينصبه في مكانه الحجة في الزمان، كما في زمان الحجاج؛ وضعه زين العابدين عليه السلام في مكانه فاستقر، فاعتللت علة صعبة خفت منها على نفسي، ولم يتهيا لي ما قصدت له فاستنبت المعروف؛ بابن هشام واعطيته رقعة مختومة اسال فيها عن مدة عمري وهل تكون المنية في هذه العلة‌ام لا؟ وقلت: همي ايصال هذه الرقعة الى واضع الحجر في مكانه واخذ جوابه واني اندبك لهذا؟ فقال: المعروف؛ بابن هشام: لما حصلت بمكة وعُزم على اعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكنت معها من الكون بحيث ارى واضع الحجر في مكانه، واقمت معي منهم من يمنع عني ازدحام الناس فكلما عمد انسان لوضعه اضطرب ولم يستقم! فاقبل غلام اسمر اللون حسن الوجه، فتناوله ووضعه في مكانه فاستقام، كانه لم يزل عنه، وعلت لذلك الاصوات، وانصرف خارجا من الباب، فنهضت من مكاني اتبعه وادفع الناس عني يمينا وشمالا حتى ظن بي الاختلاط في العقل والناس يفرجون لي وعيني لا تفارقه حتى انقطع عن الناس فكنت اسرع السير خلفه وهويمشي على تؤدة، ولا ادركه! فلما حصل بحيث لا احد يراه غيري وقف والتفت اليّ فقال: هات ما معك؟ فناولته الرقعة، فقال من غير ان
ينظر فيها: قل له؛ لا خوف عليك في هذه العلة ويكون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة، قال: فوقع عليّ الزمع حتى لم اطق حراكا وتركني وانصرف.
قال ابوالقاسم: فاعلمني بهذه الجملة، فلما كانت سنة تسع وستين اعتّل ابوالقاسم، فاخذ ينظر في امره وتحصيل جهازه الى قبره، وكتب وصيته واستعمل الجد في ذلك، فقيل له: ماهذا الخوف ونرجو ان يتفضل الله تعالى بالسلامة! فما عليك مخافة؟ فقال: هذه السنة التي خوّفت فيها، فمات في علته.
۵. مهج الدعوات [۱]: قال: وكنت انا بسرّ من رأى، فسمعت سحرا دعاءه عليه السلام فحفظت منه عليه السلام من الدعاء لمن ذكره من الاحياء والاموات: وابقهم- اوقال: واحيهم- في عزنّا ملكنا وسلطاننا ودولتنا. وكان ذلك في ليلة الاربعاء ثالث عشرذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وستمائة.
ويوجد ۱۳ حديثا فيمن رآه عليه السلام في الغيبة الكبرى. [۲]
ونضيف الى ذلك؛ عبارة المصنف دام ظله:
واعلم؛ ان ما ذكرناه في هذا الفصل ليس الا قليلا من الحكايات والآثار المذكورة في الكتب المعتبرة، والاكتفاء به لعدم اتساع هذا الكتاب لازيد منه، مضافا الى ان هذه الآثار والحكايات بلغت من الكثرة حدا يمتنع احصاؤها، وقد ملأ العلماء كتبهم عنها، فراجع (البحار) و (النجم الثاقب) و (جنّة المأوى) و (دار السلام) المشتمل على ذكر من فاز بسلام الامام و (العبقريّ الحسان) وغيرها حتى تعرف مبلغا من كثرتها، ومن تصفح الكتب المدوّنة فيها هذه الحكايات التي
لا ريب في صحة كثير منها لقوة اسنادها وكون ناقليها من الخواصّ والرجال المعروفين بالصداقة والامانة والعلم والتقوى، يحصل له؛ العلم القطعيّ الضروري بوجوده عليه السلام ونسأل الله ان يوفقنا لأفراد كتاب كبير في ذلك انه خير موفق ومعين. [۱]
———-
[۱]: للسيد نعمةالله الجزائري، ج ۲، ص ۳۰۳.
[۲]: راجع حاشية منتخب الاثر، ج ۲، ص ۵۴۷ فيه ترجمة عنه.

[۱]: للعلامة المجلسي، ج ۵۲، ص ۱۷۶، ب ۲۴.
[۱]: للمحدّث النوري (المطبوع مع البحار): ج ۵۳، ص ۲۳۴- ۲۳۶.

[۱]: لقطب الدين الراوندي، ج ۱، ص ۴۷۵، ح ۱۸.

[۱]: للسيد ابن طاووس، ص ۲۹۶.
[۲]: راجع منتخب الاثر، ج ۱، ص ۵۴۷- ۵۶۲.

[۱]: منتخب الاثر، ج ۲، ص ۵۶۲.
[غیبه المنتظر من منتخب الاثر – صفحه۱۸۵]

Share your thoughts